الأطباء العرب في الداخل يشددون على أهمية إنشاء نقابة مستقلة لحمايتهم من التمييز والتهميش

يدعو الأطباء الفلسطينيون العاملون في المستشفيات الإسرائيلية إلى تأسيس نقابة مستقلة خاصة بالأطباء والطبيبات العرب، بهدف تمثيلهم والدفاع عن حقوقهم المهنية. تنبع هذه الدعوة من التحديات المتزايدة التي يواجهونها، مثل التمييز العنصري، تقييد حرية التعبير خلال الأزمات، نقص البيانات والإحصاءات حول الأطباء العرب، وصعوبة العثور على فرص عمل مناسبة، إلى جانب غياب البحث العلمي المتخصص بالمجتمع العربي.

تشير الإحصائيات إلى أن نسبة الأطباء العرب في إسرائيل شهدت ارتفاعًا ملحوظًا خلال العقد الأخير. ففي عام 2010، بلغت نسبتهم 8% فقط من إجمالي الأطباء، بينما وصلت إلى 25% بحلول عام 2024. هذا التطور يعكس تزايد حضور الأطباء العرب في المجال الطبي، لكنه يبرز في الوقت نفسه الحاجة إلى كيان نقابي يوفر لهم الدعم والحماية المهنية.

أكد الدكتور أسامة طنوس، طبيب الأطفال والباحث في الصحة الجماهيرية، أن غياب نقابة تمثل الأطباء العرب جعلهم عرضة للتهديدات والفصل التعسفي بسبب تعبيرهم عن آرائهم. وأضاف أن الحرب الأخيرة كشفت مدى ضعف الأطباء العرب في مواجهة الاستهداف، مما يعزز الحاجة إلى إنشاء نقابة تحميهم وتدافع عن حقوقهم.

وأوضح طنوس أن الأطباء العرب، خصوصًا خلال الأزمات، يواجهون تضييقات تمنعهم من التعبير عن مواقفهم خوفًا من الملاحقة القانونية أو فقدان وظائفهم. لذلك، فإن تشكيل نقابة موحدة يُعد خطوة ضرورية لتوفير الحماية القانونية والمهنية لهم.

أشار طنوس إلى أن النقابة الإسرائيلية العامة تركز على القضايا المهنية للأطباء عمومًا، لكنها لا تولي الاهتمام الكافي للتحديات التي يواجهها الأطباء العرب داخل المؤسسات الصحية الإسرائيلية. كما أن كثيرًا من الأطباء العرب الذين درسوا في الخارج يواجهون صعوبات في الحصول على وظائف بعد عودتهم، رغم اجتيازهم امتحانات مزاولة المهنة، مما يثير تساؤلات حول مدى وجود تمييز عنصري في عمليات التوظيف والتخصصات الطبية.

أكد طنوس أن هناك حاجة ماسة إلى تعزيز الشفافية في معايير القبول للتخصصات الطبية، حيث لا تزال آليات اختيار الأطباء غير واضحة. لذا، فإن وجود نقابة عربية يمكن أن يساهم في تنظيم دورات تدريبية، عقد ندوات علمية، وتحسين فرص الأطباء العرب في الحصول على التخصصات المطلوبة.

كشفت طبيبة عائلة – فضلت عدم الكشف عن هويتها – أن الحرب الأخيرة على غزة أبرزت الحاجة إلى نقابة تحمي الأطباء العرب من الاستهداف، خاصة بعد تعرض عدد منهم للملاحقة لمجرد تعبيرهم عن آرائهم بشأن القصف على المستشفيات واعتقال الكوادر الطبية الفلسطينية. ولفتت إلى حالة الطبيب أحمد محاجنة، الذي تم تعليقه عن العمل بعد تقديمه قطعة حلوى لمصاب فلسطيني، وسط حملة تحريضية واسعة، وهو ما يعكس مدى الحاجة إلى جسم نقابي يوفر الحماية للأطباء العرب.

في عام 2021، أسس مجموعة من الأطباء العرب رابطة “أطباؤنا”، بقيادة الدكتور ياسر الخطيب، بهدف حماية الأطباء العرب وتعزيز مكانتهم في المستشفيات الإسرائيلية. وأوضح الخطيب أن الرابطة تسعى إلى تطوير القطاع الصحي في المجتمع العربي، نظرًا لما يعانيه من نقص شديد في الموارد والمعطيات الطبية.

وأكد الخطيب أن الحرب الأخيرة زادت من وتيرة استهداف الأطباء العرب، مما يجعل توسيع نطاق عمل الرابطة ليشمل جميع الأطباء العرب في الداخل الفلسطيني أمرًا ضروريًا. كما أشار إلى أن الرابطة تعمل على تعزيز البحث العلمي، جمع البيانات حول الأطباء العرب، والمطالبة بمزيد من الشفافية والمساواة في بيئة العمل.

اختتم الخطيب حديثه بالتأكيد على أن تأسيس نقابة مستقلة للأطباء العرب بات ضرورة لا غنى عنها، ليس فقط لضمان حقوقهم المهنية، ولكن أيضًا لتعزيز البحث العلمي، تحسين بيئة العمل، وتحقيق العدالة في عمليات التوظيف والتخصصات الطبية.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *