“مدى الكرمل” يعقد ندوة لمناقشة دراسة حول دور الأطباء الفلسطينيين في المستشفيات الإسرائيلية
نظم المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية “مدى الكرمل”، اليوم السبت، ندوة بحثية في مقر جمعية الثقافة العربية بمدينة حيفا، تناولت دراسة جديدة بعنوان “أصوات مكتومة وفضاءات معسكرة: الأطباء الفلسطينيون في المستشفيات الإسرائيلية بعد السابع من أكتوبر”.
شارك في الندوة عدد كبير من الأطباء الذين شملتهم الدراسة، إلى جانب باحثين، ونشطاء، وشخصيات بارزة من المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني.
استعرضت الدراسة شهادات تسعة أطباء عملوا في تسع مؤسسات طبية مختلفة في إسرائيل، وسلطت الضوء على مناخ الخوف الذي ساد بينهم منذ اندلاع الحرب على غزة. كما ناقشت الضغوط التي تعرضوا لها لإبداء مواقف تتماشى مع الرأي العام الإسرائيلي الداعم للحرب، وتصاعد الرموز العسكرية داخل المرافق الصحية، مثل انتشار الأعلام الإسرائيلية وشعارات داعمة للجيش كـ”معًا ننتصر”.
وتطرقت الدراسة أيضًا إلى محاولات تجريد الأطباء الفلسطينيين من إنسانيتهم، من خلال التضييق عليهم في التعبير عن مشاعرهم أو إظهار أي تضامن مع أبناء شعبهم في غزة. كما تناولت الانتهاكات التي تعرض لها القطاع الصحي الفلسطيني، بما في ذلك قصف المستشفيات، واعتقال الطواقم الطبية، ودعم بعض الأوساط الطبية الإسرائيلية لهذه السياسات، حيث وقع 100 طبيب إسرائيلي على وثيقة تؤيد تدمير النظام الصحي في غزة.
افتتحت الندوة د. عرين هواري، المديرة العامة لمركز “مدى الكرمل”، مشيرةً إلى التغيرات التي طرأت على الحريات خلال فترة الحرب. ثم قدمت الباحثة غادة مجادلة، المتخصصة في العلاقة بين الصحة والسياسة، عرضًا لأبرز أشكال التمييز التي تعرض لها الأطباء الفلسطينيون خلال هذه الفترة، بمشاركة البروفيسور سليم حاج يحيى، والدكتور أسامة طنوس كمعلقين على البحث.
وأوضحت مجادلة أن الدراسة تهدف إلى فهم ما جرى في المستشفيات الإسرائيلية بعد السابع من أكتوبر، وتسليط الضوء على حالات الترهيب، والإسكات القسري، وحتى الطرد من العمل وتقديم شكاوى ضد الأطباء الفلسطينيين لدى الشرطة. وأشارت إلى أن شهادات المشاركين في الدراسة تم جمعها بسرية، ما يعكس حجم الخوف الذي يشعر به الأطباء العرب في المنظومة الصحية الإسرائيلية.
في تعقيبه، أكد البروفيسور سليم حاج يحيى، أستاذ جراحة وزراعة القلب في جامعة غلاسكو وعميد كلية الطب بجامعة الخليل، أن التقدم الذي حققته المراكز الطبية الإسرائيلية عالميًا يعود بشكل كبير إلى جهود الأطباء والممرضين العرب، الذين يتمتعون بمهنية عالية وأخلاقيات إنسانية متميزة. وشدد على ضرورة دعم الأطباء العرب نفسيًا ومعنويًا، وحماية دورهم في المستشفيات.
من جهته، أشار د. أسامة طنوس، طبيب الأطفال والمدير المشارك في البرنامج الفلسطيني للصحة وحقوق الإنسان بجامعة هارفارد، إلى أن الجهاز الصحي الإسرائيلي لم يكن يتوقع اندماج الفلسطينيين من الداخل فيه إلى هذا الحد، حيث يشكلون اليوم نصف الكوادر الطبية في البلاد.
وأضاف أن الأطباء العرب، بغض النظر عن مناصبهم، يُعاملون دائمًا كـ”ضيوف” داخل المنظومة الصحية الإسرائيلية، وغالبًا ما يُفرض عليهم الصمت وعدم التعبير عن مواقفهم. وأوضح أن الأوضاع تغيرت بعد السابع من أكتوبر، حيث أصبح يُنظر إلى الأطباء والممرضين العرب ليس فقط كـ”ضيوف”، بل كجزء من “العدو”، في ظل تصاعد العسكرة داخل المستشفيات وفرض رموز إسرائيلية يرفضها الفلسطينيون.
أكد د. امطانس شحادة، مدير برنامج دراسات إسرائيل في “مدى الكرمل”، أن الدراسة توثق الضغوط والتضييقات التي تعرض لها الأطباء الفلسطينيون خلال الحرب، تزامنًا مع الاستهداف المباشر للقطاع الصحي في غزة. وأوضح أن المركز يعمل حاليًا على دراسات أخرى تشمل المحاضرين الفلسطينيين في الجامعات الإسرائيلية، والأخصائيين النفسيين في الجهاز الصحي الإسرائيلي، لرصد التأثيرات السياسية التي تطال هذه الفئات.
واختتمت الندوة بالتأكيد على ضرورة توفير مساحة آمنة للأطباء الفلسطينيين للتعبير عن آرائهم بحرية، خصوصًا في ظل ما يتعرضون له من انتهاكات مستمرة.