مقتل 19 امرأة عربية في الداخل الفلسطيني منذ بداية العام

تجاوزت حصيلة ضحايا جرائم القتل في المجتمع العربي حاجز الـ200 جريمة منذ بداية العام الجاري، حيث سقطت 19 امرأة و10 أطفال في هذا السياق.
هذه الظاهرة القاتمة تزداد سوءًا عامًا بعد عام، في ظل سلطات لا تكتفي بالصمت أمام هذا النزيف المتواصل، بل تثير الشكوك حول تقاعسها وتواطئها في تفاقم العنف والقتل. الأرقام والشواهد تدل على ذلك بوضوح.

يصادف الخامس والعشرون من نوفمبر “اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة”، بينما تواصل النساء في المجتمع العربي نضالهن طوال العام من أجل الحد من العنف والقتل وانتشار السلاح يقمن بذلك إيمانًا منهن بأن هذه المظاهر السلبية تؤثر بشكل مباشر على الأسرة التي تدفع ثمناً باهظًا لهذه الفوضى القاتلة.

قالت نسرين طبري، مديرة جمعية “كيان”، وهي منظمة نسوية تعمل على الدفاع عن حقوق النساء في قضايا العنف والتحرش الجنسي والعمل والأحوال الشخصية: “قتل النساء ليس حالة منفصلة عن قضايا التمييز، بل هو نتيجة لخلل بنيوي في المجتمع الذي يطبقه الفكر الذكوري، وهذا ينطبق على جميع جوانب حياتنا نحن كفلسطينيات نواجه التمييز ليس فقط في مناطق الـ48، ولكن في الضفة الغربية وقطاع غزة أيضًا. وهذا جزء من عملنا في إطار ائتلاف ‘فضا’ الذي يضم جمعيات أهلية فلسطينية معنية بمكافحة العنف ضد النساء”.

طبري أوضحت أن الخلل البنيوي في المجتمع الفلسطيني يكمن في التركيبة الذكورية التي تمزج بين الدين والعادات والتقاليد، حيث تُغلب الأعراف على القانون. وأضافت أن بعض ضحايا العنف لا يُسجلن كضحايا قتل في الإحصاءات الرسمية، حيث يُقال أحيانًا إنهن انتحرن أو اختفين، في حين أن الحقيقة هي أنهن قُتلن وأُخفيت الحقائق عن المجتمع.

وأكدت طبري أن العنف ضد النساء ليس محصورًا في الرجال فقط، بل يمتد إلى كل من يروج لفكر التمييز بين الجنسين، وتطرقت إلى تقاعس مؤسسات الدولة، مثل الشرطة والمحاكم والنيابة العامة، في كشف الجناة ومعاقبتهم، مشيرة إلى أن هذا التقاعس يخدم أجندة الدولة في تعزيز التفوق الذكوري وإدامة حالة العنف ضد النساء.

من جهة أخرى، أشارت طبري إلى ظاهرة جديدة في جرائم قتل النساء تتمثل في تورط عصابات إجرامية، حيث أصبح القاتل المأجور هو من ينفذ الجريمة بدلًا من أفراد الأسرة، مما يزيد من تعقيد الوضع. وكشفت نتائج بحث أجراه “كيان” في 2021 أن جرائم قتل النساء لا تحدث في لحظة غضب عابرة، بل هي نتيجة لتراكم اعتداءات تبدأ صغيرة وتكبر مع مرور الوقت إذا لم يتم التدخل في وقت مبكر.

وفيما يتعلق بوسائل الإعلام، انتقدت طبري بعض وسائل الإعلام العربية التي تتعامل مع قضية قتل النساء بطريقة موسمية، حيث يقتصر اهتمامها على هذه الجرائم في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة أو عند وقوع جريمة بشعة، داعية إلى ضرورة أن يكون هذا الموضوع جزءًا أساسيًا من التغطية الإعلامية المستمرة.

أما نائلة عواد، مديرة جمعية “نساء ضد العنف” في الناصرة، فقد أكدت في حديثها أن العنف ضد النساء في هذا العام لا يمكن فصله عن الأوضاع السياسية والاجتماعية المتدهورة في المجتمع العربي، مشيرة إلى أن الخوف الذي يعيشه المجتمع العربي، وخاصة النساء، من عنف عائلي، وعدم الأمان في الأماكن العامة، وانتشار السلاح، يفاقم من أزمة العنف ضد النساء. وأضافت أن أكثر من 65% من ضحايا جرائم القتل في إسرائيل من النساء العربيات، في حين لا تتجاوز نسبة الكشف عن الجناة في المجتمع العربي 36%، مقارنة بنحو 75% في المجتمع اليهودي.

كما أكدت عواد أن الجمعيات النسائية، التي نظمت العديد من الوقفات الاحتجاجية بعد كل جريمة قتل لامرأة، تواجه تحديات كبيرة في الوقت الراهن بسبب الحرب والأوضاع الأمنية الصعبة. وأشارت إلى انخفاض ملحوظ في توجه النساء إلى مراكز خدمات العنف بسبب الأولويات التي تفرضها الحرب والوضع الاقتصادي الصعب.

وفي ردها على سؤال حول مسؤولية الدولة في حماية النساء العربيات، أكدت عواد أن المسؤولية الأساسية تقع على عاتق الدولة، لكنها أشارت إلى أن السياسات العنصرية والفاشية التي تتبعها السلطة في التعامل مع الأقلية العربية تؤدي إلى زيادة المخاطر على النساء، وتساهم في ضعف حماية المجتمع العربي أمام عالم الجريمة المتنامي.

إجمالًا، يُظهر الوضع الحالي في المجتمع العربي في إسرائيل تزايدًا في جرائم القتل والعنف ضد النساء، مع تقاعس السلطات عن توفير الحماية الفعالة، مما يزيد من معاناة النساء ويعرض حياتهن للخطر بشكل مستمر.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *