لماذا غيرت “فرنسا” موقفها تجاه غزة بمؤتمر الإنسانية” للإغاثة.

الجليل الاخباري_

لم يستطع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الصمود لفترة أطول، أمام الانتقادات الداخلية والخارجية له باتباع ازدواجية المعايير في التعامل مع المجازر الإسرائيلية المروعة في غزة، فبادر بشكل مفاجئ بتنظيم “مؤتمر إنساني” دعا فيه إلى “هدنة إنسانية”.

فماكرون، الذي دعا في 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بتشكيل تحالف إقليمي ودولي لمكافحة حركة حماس، هو ذاته الذي دعا إلى تشكيل “تحالف إنساني” من أجل غزة، بعد ثلاثة أيام من تصريحه الأول، الذي لاقى استهجانا من أطراف محلية ودولية.

وهذا الموقف المرتبك لماكرون، إزاء الحرب في غزة، علق عليه ساخرا زعيم حزب “فرنسا الأبية” اليساري جون لوك ميلونشو، في تغريدة له على موقع “إكس”، الخميس، قائلا “بعد شهر ويومين من القصف دون توقف، و10 آلاف قتيل بينهم 4500 طفل، الرئيس الفرنسي أثار أخيرا (النقاش) عن إطلاق النار، فهل سيتصرف أخيرا”.

ولكن ماكرون، خلال “المؤتمر الإنساني”، الذي عقد الخميس، بباريس، كان مترددا في دعوة إسرائيل صراحة إلى وقف إطلاق النار فوري ونهائي، بل تحدث في كلمته عن “هدنة إنسانية” ومن ثم “العمل على وقف إطلاق النار”.

ـ مظاهرات تتحدى ماكرون

تكاد لا توجد أي دولة في العالم بما فيها إسرائيل، تفرض عقوبة السجن لخمس سنوات لكل من يدعم علنا حركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين، سوى فرنسا.

فوزير العدل الفرنسي إريك دوبوند موريتي، قال إن “أي شخص يدعم علنًا حركتي حماس والجهاد الإسلامي سيواجه عقوبة السجن لمدة 5 سنوات”.

ا

كما حظر وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، المظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني في جميع أنحاء البلاد، واتهم النجم الفرنسي من أصول جزائرية كريم بن زيمة، بأنه ينتمي لجماعة “الإخوان المسلمين” بسبب تغريدة له يدعم سكان غزة، ما دفع الأخير إلى الإعلان عبر محاميه اعتزامه رفع دعوى قضائية ضد دارمانان وآخرين.

كل هذه الضغوطات التي تمس حقوق الإنسان وحرية التعبير في بلد لطالما ادعى دفاعه عن القيم الديمقراطية والإنسانية، لم تمنع آلاف الفرنسيين من الخروج في مظاهرات حاشدة داعمة لفلسطين ورافضة للإبادة الجماعية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي ضد سكان قطاع غزة.

وشاركت عدة أحزاب ونقابات ومنظمات فرنسية في هذه المظاهرات، على غرار نقابة “الكونفدرالية العامة للشغل”، وحزب “فرنسا الأبية” والحزب الشيوعي الفرنسي، ومبادرة “طوارئ فلسطين”.

ونظمت هذه المظاهرات في عدة مدن فرنسية مثل العاصمة باريس ومرسيليا، وستراسبورغ، ومولوز، ونانت، وديجون، في 4 و5 نوفمبر/تشرين الأول الجاري، رغم تهديدات السلطات المحلية والأمنية باعتقال كل من يرفع شعارات داعمة لحماس أو “معادية للسامية (إسرائيل)”.

بينما رفع المتظاهرون شعارات تدعوا لوقف إطلاق النار، ووقف الإبادة الجماعية في غزة، ودعا الزعيم اليساري ميلونشو، في مظاهرة بباريس، إلى “وقف فوري لإطلاق النار” في غزة. وانتقد موقف ماكرون، الداعي إلى “هدنة إنسانية”.

وكان هذا تحد شديد اللهجة لماكرون ووزرائه بأن فرنسا لا تقف كلها معه في دعم الحرب الإسرائيلية على غزة، بل هناك انقسام في بلد أكثر من 10 بالمئة من سكانه مسلمون، ويحضون بتعاطف أحزاب يسارية مع قضيتهم المركزية.

وهذا الضغط الشعبي دفع الرئيس الفرنسي للتراجع خطوة إلى الوراء، ونظم “مؤتمر الإنسانية” لحفظ ماء وجهه، بعد تزايد أعداد القتلى فوق 10 آلاف شهيد، غالبتهم من الأطفال والنساء.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *