عرابة البطوف تواجه العنف و9 ضحايا في عام واحد بسبب جرائم القتل
تحوّلت مدينة عرابة البطوف في منطقة الجليل، شمال البلاد، خلال العام الأخير، إلى مسرح لجرائم قتل متكررة، أفقدت السكان شعورهم بالأمان، وسط تصاعد خطير في العنف المنظم. ووفقًا لمعطيات فقد شهدت المدينة منذ أيار/ مايو 2024 حتى اليوم مقتل 9 شبان، بعضهم دون أي صلة بعالم الجريمة.
منذ بداية عام 2025 وحده، سقط أربعة قتلى من شباب المدينة، بينهم مجد عبد صبحي غزال وفراس محمد صبحي غزال، اللذان لقيا حتفهما برصاص الشرطة الإسرائيلية في حادثة ذات خلفية جنائية تلا ذلك مقتل منير غزال، ثم عنان نصار، الذي راح ضحية تفجير عبوة ناسفة وضعت في سيارته، في حادثة كادت تودي بحياة مواطنين آخرين.
أما في النصف الثاني من عام 2024، فقد سُجلت خمس جرائم قتل أودت بحياة كل من : صالح يوسف كناعنة، حمزة الصح، صالح زيدان عاصلة، رباح سليمان قراقرة، ومحمد عبد غزال.
هذا التصعيد المفاجئ والخطير في معدل الجريمة يشير بوضوح إلى انتشار الجريمة المنظمة في المدينة، في ظاهرة لم تكن مألوفة بهذه الحدة سابقًا في عرابة، التي كانت تُعرف بكونها مدينة العلم والأطباء.
رئيس بلدية عرابة، د. أحمد نصار، أعرب عن قلقه العميق حيال هذا الواقع، مؤكدًا أن “البلدية تبذل جهودًا مكثفة للحد من انتشار الجريمة، لكننا نواجه سنة عصيبة في ظل تسع جرائم قتل خلال أقل من عام واحد”.
حمّل نصار السلطات الإسرائيلية المسؤولية عن حالة الانفلات الأمني، مؤكدًا أن “الشرطة تمتلك القدرة على تقليص مظاهر الجريمة، لكنها مطالبة بتكثيف جهودها لتوفير الأمن الحقيقي، كما هو الحال في المدن اليهودية المجاورة”.
وأضاف : “صحيح أن الشرطة تحدثت في اجتماعنا الأخير معها عن انخفاض بنسبة 50% في حوادث إطلاق النار خلال رمضان، ولكن هذا لا يكفي، إذ إن فقدان الشعور بالأمان الشخصي ما زال قائمًا”.
كما أشار إلى خطورة نوعية الجرائم التي تُرتكب باستخدام العبوات الناسفة، وهو مؤشر خطير على طبيعة التحول الحاصل في المدينة.
الناشط السياسي ميمنة عكري أعرب عن أسفه لتحوّل مشهد العنف إلى أمر اعتيادي، قائلًا : “صرنا نتوقع سماع أخبار القتل وكأنها أخبار يومية، وسط تقاعس واضح من الشرطة في الحضور والتعامل مع الخطر”.
ودعا عكري إلى تفعيل دور اللجان الشعبية والوسطاء المحليين، مؤكدًا أن الحل على المدى البعيد يتطلب تعزيز الثقافة المجتمعية، وترسيخ قيم الهوية والانتماء لدى الأجيال الصاعدة.
مدير مركز الوساطة المجتمعية في بلدية عرابة، غسان كناعنة، أوضح أن المركز يعمل منذ إنشائه على تشكيل مجموعات شبابية ومجتمعية لمناهضة العنف، لكنه شدد على أن معالجة الجريمة تبقى مسؤولية الجهات الأمنية الرسمية.
وقال : “نسعى لخلق رأي عام رافض للعنف، من خلال برامج توعوية في المدارس والأطر الاجتماعية، ونطالب بتفعيل دور الحكومة والشرطة في كبح مظاهر الإجرام المتصاعدة”.
من جهته، أكد الشيخ معين الصح، عضو لجنة السلم المحلية في عرابة، أن اللجنة التي تشكلت مؤخرًا تضم ممثلين عن كافة الأطياف المجتمعية، وتهدف إلى فض النزاعات داخل المدينة وأضاف : “تمكّنا من تهدئة بعض الخلافات، والناس تُظهر تجاوبًا كبيرًا، لكن التحدي الأكبر يكمن في الجرائم التي تُرتكب دون معرفة الجهة المسؤولة عنها”.
وختم الصح برسالة موجهة إلى شباب المدينة : “عرابة بلدكم، ومستقبلكم فيها. آن الأوان للتراجع عن طريق العنف، والمشاركة الفعالة في إعادة الأمن إلى مدينتنا شباب عرابة طيبون، وبإمكانهم أن يكونوا جزءًا من الحل لا المشكلة”.